يحق للحزب الوطني وقياداته أن يفخروا بما أنجزوه في انتخابات مجلس الشعب وألا يلقوا بالا لأية انتقادات محلية أو دولية..بعد الشهادة العظيمة التي حصلوا عليها من دولة (بوروندي) الشقيقة..تلك الشهادة التي جاءت لهم علي لسان رئيس الحزب الحاكم في بورندي (جيرمى نيجينوا كومانا) عندما وصف تجربة الحزب الوطني المصري بأنها شديدة الشبه تماما بتجربة حزبه البوروندي الذي حقق فوزا كاسحا في الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا..لم يكتف رئيس الحزب البورندي بماقاله بل زاد عليه عندما وصف الحزبين الحاكمين في مصر وبوروندي بأنهما حققا الأغلبية بسبب تعايشهما مع مشاكل المواطنين في البلدين ومشاركتهما طموحات المواطنين.
يحق لك وأنت تقرأ ماقاله الزعيم البوروندي أن تسأل عن عدد المقاعد التي حصل عليها حزبه وسوف تكتشف أنه أكثر شطارة من الحزب الوطني وأن الأخير لايقارن بعبقرية نظيره البورندي..فيكفي أن تعرف أن الحزب الحاكم البوروندي قد حصل علي 32 مقعد من أصل 34مقعدا بينما حصلت الأحزاب المعارضة علي المقعدين الباقيين..وبذلك يكون الحزب البورندي قد سيطر علي أكثر من 95% من مقاعد البرلمان مقارنة بحزبنا الحاكم الذي حقق مرشحه 419مقعدا من أصل 508 مقعد بنسبة 82% فقط..وهي نسبة ستخجل منها قيادات الحزب الوطني اذا التقوا نظرائهم في الحزب الحاكم البورندي..لكن دعك من كل ماسبق فالأبدع هو ماجاء علي لسان الأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف عندما قال أن الحزب الوطني فاز بالأغلبية لقناعة الناخبين بأن وعود الحزب تتحقق باستمرار وبسبب تنفيذ الحكومة للبرنامج الإنتخابي للرئيس.
لاتملك نفسك أمام الرسائل المتبادلة بين قيادات الحزبين البوروندي والمصري سوي أن تتساءل:الي هذه الدرجة صدقت قيادات الحزب الوطني نفسها بأن هناك انتخابات قد جرت (بحق وحقيقي) ونتيجة قد تم اعلانها (بجد) وأن تلك النتيجة قد عبرت عن إرادة الناخبين (بجد) وليس إرادة من قاموا عليها.
دعك هنا من قناعات الحزب البورندي فهو ليس منا ولايهمنا مدي اتساق ماتقول به قياداته مع الواقع..لكن مايهمنا هنا هو ما تقوله قيادات الحزب الوطني..والطريقة التي يتحدثون بها..فلديهم قناعة حقيقية بأن حزبهم قد حقق هذه النتيجة الكاسحة وأن ملايين المواطنين قد خرجوا الي اللجان الإنتخابية تأييدا لهذا الحزب الذي أخرج لنا نواب الكيف والاستيلاء علي الاراضي وتهريب المحمول والتربح من العلاج علي نفقة الدولة..الخ..ناهيك كذلك عن سياسات الحزب وقياداته التي جرتنا والبلد للخلف عشرات السنين..فهو الحزب الذي يحكمنا منذ ستين عاما حتي وان تغير المسمي كما أن البلدان النامية التي بدأت معنا قد تقدمت مثل اليابان وماليزيا وكوريا حتي قطر سبقتنا..ورغم ذلك لدي الحزب الوطني وقياداته قناعة هائلة بأن الناس (عاوزاه) وتختار نوابه بسبب انجازاته والأدهي هي قناعتهم بأنهم حزب الجماهير.
..ومثلما بدأنا مع الثورة بالبرلمان الذي يضم فصيل سياسي واحد فقد انتهينا بعد ستين عاما الي نفس البرلمان علي يد أحمد عز وأعوانه.. وأصبحنا أمام برلمان الحزب الوطني وليس برلمان مصر الذي يضم مختلف ألوان الطيف السياسي.
مصر عادت الي الوراء ستين عاما وزيادة بسبب سيطرة أصحاب المال علي الحكم.