ما حدث كان طبيعيا جدا وبديهيا للغاية، تزوير وتزييف وتدخلات وانتهاكات ونتائج لصالح الحزب الوطني، وما الجديد وما الذي يستحق الدهشة والاستغراب والاستنكار؟ هل صدقتم الكلام الفارغ الذي تقوله قيادات الحزب الوطني؟ وهل خالت عليكم الهراءات التي يدعيها أعضاء أمانة السياسات؟ والمؤتمرات الصحفية والبدل اللي واقفة بمنتهى الفخامة تدلق زورا وبهاتا من ألسنتها؟ إذا كنتم قد صدقتم فتستاهلوا؟
السذج فقط هم الذين ينتظرون من الحداية أن ترمي الكتاكيت، ثم أن الكتاكيت وحدها هي التي لا تزال تنضرب على قفاها من التعلب ولم تتعلم أبدا (لعل مصر هي البلد الوحيد في الكون الذي يعرف حرامية الفراخ فلا أحد تقريبا في الدنيا يسرق الفراخ غيرنا.. سرقة الفراخ وسرقة جزم الجوامع هي تفردنا الفريد في إبداعنا الصوصي؟؟).
هذا مناخ موبوء سياسا يتحكم فيه أصحاب السلطة ورجال الحكم في مصائر البلد وأصواتها بكل غطرسة ويكذبون كما يتنفسون ويرددون كلاما عن الشفافية والنزاهة يشبه كلام نتنياهو عن العدالة الدولية، ثم المطلوب طول الوقت من الشعب المصري أن يكون شعب القناة الأولى شعبا يظهر في التليفزيون سعيدا فرحا متألقا مبتهجا بالانتخابات العظيمة النزيهة، شعب إما منافق يتزلف للحكم أمام ميكروفون بدا كأنه باب للرزق أو للأمان فيجلب المواطن على نفسه بدلا من أن يعملها على نفسه وإما شعب مستغفل يصدق الأكذوبة التي يرددها المسؤلون فيعيدها ويكررها ببغائيا طالما ترضي السادة الكبار من أولياء النعم وأولياء الأمور شعب مكون من هؤلاء الموظفين المذيعين الذين يذيعون مزامير وتراتيل الكهنة حين يشكرون ويحمدون الرب الفرعون الإله، وموظفين مجلوبين ليدلوا بشهادات زور عن نزاهة وشفافية اللجان الانتخابية وسلامة الانتخابات وألف تحية للداخلية والخارجية لأ واللي يحبنا ما يضربش نار في فرحنا وسمعنا تتر موسيقى الأخبار، هؤلاء يبدون في منتهى الفرح لأن الميكروفون يلقم أفواههم العطشى للنفاق المتطوع والمدفوع والمندفع، تلفزيون يغني ويصفق وهاين عليهم يرقص في مدح وتعظيم وتفخيم الانتخابات النزيهة الشريفة، يغني التليفزيون ويرد على نفسه ويأتي برجالة الحزب الوطني والدكاترة المستائين ومبخري الصحافة الحكومية ليغنوا ويطبلوا ويصفقوا ويهرجوا في جمال وروعة وعظمة نزاهة الانتخابات حيث الزيطة والزنبليطة في الحزب الوطني وتليفزيون الحزب الوطني.
المشهد أقرب ما يكون إلى مشهد إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين وأحدهم يصرخ فيه بصوت نسائي قائلا: أنا عنتر وآخر يمسك كسرونة فوق رأسه وهو يؤكد أنه نيرون الذي حرق روما بحالها بينما هو مستعجل عنده إذاعة!